تقرير استخباراتي أمريكي: واشنطن والرياض لا يسعيان لمعالجة الجذور السياسية الكامنة وراء الصراع في اليمن
يمنات – صنعاء
قالت مجموعة “صوفان” الاستشارية الأمريكية المختصة بشؤون الاستخبارات والأمن ان الحالة الإنسانية الصعبة في اليمن تتدهور بسرعة حيث ينتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد. ويضفي انتشار الوباء ضغوطا شديدة على النظام الصحي الذي يقترب بالفعل من الانهيار بعد عامين من الحرب.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن هناك 61,000 حالة إصابة بالكوليرا المبلغ عنها في البلد منذ ديسمبر 2016، بما في ذلك أكثر من 360 حالة وفاة. ويبدو أن معدل الإصابة يتزايد باطراد؛ حيث إن أكثر من نصف جميع الحالات المشتبه فيها وقعت في الشهر الماضي، واقترحت منظمة الصحة العالمية إمكانية حدوث ما يصل إلى 300،000 حالة في الأشهر الستة المقبلة.
تجدر الاشارة الى ان الحرب المستمرة منذ عامين في البلاد ادت الى مصرع اكثر من 10 آلاف مدني يمنى واثارت ازمة جوع في جميع انحاء البلاد.
ويأتي الانهيار الإنساني المستمر في الوقت الذي يستعد فيه التحالف لهجوم على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه انصار الله وحلفاؤهم، وهو أحد أهم مداخل اليمن للمساعدات الإنسانية. ووفقا للأمم المتحدة، فإن أي هجوم يؤدي إلى إغلاق الميناء، من شأنه أن يدفع البلاد إلى حافة المجاعة.
واضاف انه في 20 مايو وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليمن بأنها “أكبر أزمة إنسانية في العالم”. وفي هذا السياق، قد يكون حقن وباء الكوليرا – وخاصة إذا ما تزامن مع اعتداء على الحديدة – فسيكون العامل الذي يدفع اليمن بشكل قاطع إلى فئة “دولة فاشلة”.
صراع التحالف
يتفاقم الانهيار الإنساني في اليمن بسبب الانقسام السياسي المتزايد داخل التحالف الذي يقاتل من أجل إعادة عبد ربه منصور هادي. وفي أواخر أبريل، اقال هادي محافظ محافظة عدن، عيدروس الزبيدي، إلى جانب وزير حكومي آخر، هاني بن بريك. ويرتبط كلا المسئولين بالحركة الانفصالية الجنوبية فى اليمن التي كانت احد الشركاء السياسيين والعسكريين الرئيسيين للتحالف الموالي لهادي جنوب اليمن.
وأدت اقالة المسؤولين إلى عودة المشاعر الانفصالية بين اليمنيين الجنوبيين. وبدعم من تجمعات ضخمة مؤيدة للانفصال في عدن، أنشأ الزبيدي وبن بريك “المجلس الانتقالي الجنوبي” وهدفه المعلن هو الحكم وتمثيل محافظات جنوب اليمن.
إن ضم المجلس عددا من حكام المقاطعات الجنوبية ووزراء في حكومة هادي، يشكل تحديا واضحا لمطالب هادي بـ”السيادة الشرعية” على جزء كبير من الأراضي التي يحتفظ بها اسميا.
ويكشف تشكيل المجلس – جنبا إلى جنب مع إدانة هادي الفورية لهذه الخطوة – عن انقسامات سياسية عميقة في قاعدة دعم هادي، مما يوجه ضربة إلى أولئك الذين يسعون إلى الحفاظ على دولة يمنية موحدة من خلال إعادة تثبيت نظام هادي بقوة.
ويثير الخلاف داخل الفصائل الرئيسية في التحالف الموالي لهادي، أسئلة جادة حول الاستراتيجية الأمريكية والسعودية لتحقيق الاستقرار في اليمن من خلال هزيمة انصار الله وحلفائهم، وإعادة نظام هادي إلى السلطة في صنعاء.
حتى لو تراجع انصار الله وحلفاؤهم عسكرياً – وهو اقتراح مشكوك فيه نظرا إلى مسار الصراع الحالي – ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نظام هادي سيحقق المزيد من النجاح في توحيد البلاد. ونظراً لانعدام هادي لرأس المال السياسي على الأرض، فمن المشكوك فيه أن أي جهد عسكري لا يخدم استراتيجية سياسية شاملة، يمكن أن يحقق قابلية البقاء على المدى الطويل للدولة اليمنية.
وفي الوقت الراهن، لا تحاول الولايات المتحدة ولا التحالف الذي تقوده السعودية جديا معالجة الجذور السياسية الكامنة وراء الصراع في اليمن، أو ما ينتج عنها من كارثة إنسانية. بدلا من ذلك، لا تزال سياسة إدارة ترامب تجاه اليمن تركز بشكل حصري تقريبا على عمليات مكافحة الإرهاب والدعم العسكري للحملة التي تقودها السعودية.
إن صفقة الأسلحة الأميركية السعودية التي بلغت قيمتها 110 مليارات دولار والتي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس ترامب الأولى في الخارج هي إعادة تأكيد واضح لهذه الاستراتيجية.
وقد استخدمت هذه الأسلحة ذات التكنولوجيا الفائقة في أيدي الطيارين السعوديين المدربين تدريبا سيئا لتأثير مدمر ضد المدنيين اليمنيين، ومع ذلك لم يعد هناك زيادة هامشية في شرعية نظام هادي وسط اليمنيين. كما أنها لم تقنع أياً من الجانبين بالبحث عن الحل الوحيد المحتمل مع فرصة حقيقية للنجاح – أي تسوية تفاوضية تقوم على تسوية سياسية.
وإلى أن تتم مراجعة حسابات المتحاربين اليمنيين وداعميهم الدوليين، ستظل القاعدة وما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) المستفيدين الرئيسيين من العنف المستمر. في الواقع، فإن كلا المجموعتين – اللتين تجيدان فن استغلال فراغات السلطة – تستعد لمواصلة جني فوائد الفوضى والمأساة في اليمن.
المصدر: وكالة خبر